-A +A
إبراهيم علوي (جدة) i_waleeed22@
السقوط في بئر الضياع يبدأ بتجربة أو محاولة تقليد أو مغامرة.. قرص مخدر يعقبه قرصان ثم ثلاثة، نفثة من حشيش ثم نفثتان وثلاث تنتهي كلها بالاعتياد ثم الإدمان والضياع. مصير هؤلاء حددته حبة واحدة وسيجارة يتيمة أضحت سمة في حياتهم وقصصاً لا بد أن تروى، مدمنون ومدمنات، أحال الحشيش والأقراص المخدرة أجسادهم إلى هياكل عظمية، كأنهم للتو خرجوا من قبورهم.. قصص تروى لعل فيها الاعتبار، وفي داخل المؤسسات الإصلاحية حكايات لم ترو بعد، لكن فصولها تكتب بالدموع والندم والحيرة. أولى الحسرات والوجع ترويها فتاة في ربيع العمر أدمنت أقراص الكبتاجون بعد أن أوهمها المتوهمون أن القرص السحري هو سبيل التركيز في المذاكرة والنشاط، بدأتها بحبة ثم ثانية حتى دخلت مرحلة الإدمان لتتحول حياتها إلى جحيم لا يطاق.. وبإرادتها ورغبتها في العودة إلى الحياة المشرقة عبرت مرحلة الإدمان إلى العلاج والتعافي التام. بدأت حكايتها مع القرص السام قبل 8 سنوات حين كانت طالبة جامعية، ظلت تتعاطى بسبب نصيحة كاذبة أنها تقوّي النشاط والذاكرة، حتى أنها كانت تتناول 5 أقراص في اليوم الواحد وبسبب الإدمان أصيبت بالاكتئاب وانعزلت عن العالم ولم تخرج من منزلها، حتى أنها أهملت شؤون أسرتها ولم تنته الحكاية بالإدمان إذ أصيبت بسرطان الثدي وتخضع الآن للعلاج الكيماوي.

قبض عليه في أمريكا وسجن


فيصل الشاب المتعافي من إدمان المخدرات بدأت رحلته بتدخين الحشيش، وحين عز المال وثارت الرغبة اضطر للسرقة كي يوفر ثمن السيجارة المغلومة، انتهت رحلة ابتعاثه في أمريكا بالسجن. يقول إنه أدمن الحشيش في المرحلة المتوسطة وكان الأمر مجرد حب ظهور ورغبة في إثبات القدرة على فعل أي شيء، ولم يصل الأمر معه في البداية للإدمان ومع الوقت بدأ الوضع يتغير ولاحظت أسرته كثرة طلبه للأموال وخروجه المتكرر من المنزل وتزايد زيارات أصدقائه، وكشفه والده وطلب منه وعداً بالتوقف عن تدخين الحشيش فوعده بذلك رغم أنه كان يدرك أنه لن يقدر على الوفاء بوعده.

وبيّن أن والده لاحظ أنه لم يقلع عن الحشيش بل بدأ بتعاطي أنواعاً أخرى من المخدرات فقطع عنه المصروف، فكان أمامه طريق واحد.. السرقة ليتدبر ثمن السموم التي يتعاطاها فبدأ بسرقة المحلات التجارية والسطو على المنازل.

«ظللت على هذا الحال حتى تخرجت من الثانوية وسافرت إلى الولايات المتحدث مبتعثاً على أمل بدء حياة جديدة والإقلاع عن الإدمان، غير أنني وجدت المخدرات أكثر سهولة في الحصول عليها بأنواع لم أجدها في السعودية واستمر إدماني وواصلت سرقاتي هناك في أمريكا وقبض علي وكتبت نهايتي المدمرة لمستقبلي وحياتي.. قضيت فترة المحكومية هناك وعدت خالي الوفاض مجرد إنسان محطم».

من متعاطٍ إلى مروج إلى لص!

قصة أحمد مصيرها مثل سابقتها في الضياع لكنها مختلفة في تفاصيلها لتنتهي به إلى السجن، بعد تشكيله عصابة وترويجه المخدرات وتعاطيه السموم، لأول مرة، لم يتحمل جسده الآثار المدمرة التي نتجت عنها، ليسقط مغشياً عليه ويُنقل إلى المستشفى، وحينها علم أهله بأمر تعاطيه. وبعد خروجه من دار رعاية الأحداث، حافظ على علاقاته مع بعض زملائه الذين كانوا معه في «الأحداث»، ليقرر بعدها الدخول في عالم ترويج المخدرات الذي قاده إلى فصل جديد من الانحراف بتشكيله عصابة من أقرانه، كانت المركبات هدفهم.

ويضيف «كنت وعصابتي نعمل في ساعة متأخرة من الليل بعد أن يخلد الجميع للنوم فنقوم بالتجول في الأحياء واختيار المركبات الباهظة الثمن لسرقتها، كما كنا نسرق قطعاً من مركبات لبيعها وظللت على ذلك الحال حتى تم القبض عليّ مرة أخرى والحكم عليّ بالسجن 8 أعوام».

قتل والده بالمطرقة

إدمان عبدالله كان ضحيته والده الذي جاهد لإبعاده عن رفاق السوء، وإعادته للصواب وعلاجه من إدمان «الشبو»، فكان عقاب والده القتل، ضربه المدمن العاق على رأسه بمطرقة حديدية أفضت لوفاته.

يقول: ضحك عليّ أصدقاء السوء أيام الاختبارات وأعطوني حبوباً قالوا إنها منشطة (كبتاجون) وبعد فترة قصيرة أصبحت مدمناً عليها.

ثم أضحت لا تؤثر فيّ.. كنت أتعاطى 6 أقراص في اليوم الواحد والمرة الواحدة، وظللت أبحث عن بديل أقوى وأشرس فوجدت «الشبو» عند أحد أصدقائي، أخذتها مجاناً في المرتين الأولى والثانية، وفي الثالثة طلب الصديق مقابلاً مالياً لا أحوزه، وبعد الإدمان فصلت من وظيفتي بسبب حدة طبعي وسوء سلوكي وعدم انضباطي وتغيبي الدائم فكان السبيل الوحيد لحيازة المخدر هو السرقة وكان هدفي الأول والدي.

يواصل عبدالله: وجدت مبلغاً في جيب والدي الذي ذهب للصلاة فسرقته وتوجهت نحو تاجر المخدرات واشتريت المخدرات وعدت لغرفتي لأتعاطها.

دخل والدي غاضباً يتهمني بالسرقة، وكنت في حالة من انعدام الوعي لا أعي ما أفعله فدفعته وضربته مستخدماً مطرقة كانت في الغرفة وتركته غارقاً في دمه، ونمت بجواره حتى أيقظني أخي بعد ساعات من جريمتي وقد لفظ والدي أنفاسه.. فخسرت ديني ودنياي.